نعيمة عاكف.. بلدي وخفة!

يكتبها: خالد بطراوي
كما
كانت تقفز وهي تلعب الأكروبات، وتمشي على الحبل بمهارة فائقة وهي تقدم
استعراضاتها في سيرك عاكف، قفزت نعيمة عاكف بمهارة أيضا إلى عالم الأضواء
والشهرة والبريق والنجومية في السينما.
ولأنها كانت خليطا «فريدا» من
المهارات الغنائية والتمثيلية والاستعراضية، يندر ان يتكرر، فقد استطاعت
عندما لاحت لها الفرصة على يد المخرج حسين فوزي الذي قدمها في أول أفلامها
«العيش والملح» أن تعتلي حبل النجاح وتسير عليه بمهارة، وان تبلغ قمة
الفن، بل تناطح، وهي الوجه الجديد الذي يظهر لأول مرة، نجمة بحجم
السندريلا ليلى مراد في أوج تألقها. وأهم ما ميز حياة نعيمة عاكف أنها
كانت تنعم بالاستقرار في كل مراحلها، لأنها أحسنت اتخاذ القرارات الصعبة
لتنأى بنفسها عن كل ما يسيء إليها كفنانة وكإنسانة أيضا.

لا تكاد
تكون هناك أسرة فنية حققت من الشهرة ما حققت أسرة عاكف، فقد ظلت على مدى
سنوات عديدة تحتكر عالم السيرك والأكروبات، وتقدم أجيالا متعاقبة من
اللاعبين المهرة، وتخطت شهرتها حدود مصر إلى الدول العربية، وفي هذا الجو
نشأت نعيمة إبراهيم السيد عاكف، التي ولدت في أواخر العشرينات، ولم تشذ عن
القاعدة، فقد أصبحت في سنوات قليلة من أمهر لاعبات السيرك، لكنها تميزت
أيضا بحس فني دفين، وصوت عذب، لكن طموح وأحلام نعيمة عاكف لم يتوقفا عند
مجرد أن تصبح لاعبة سيرك، فكانت تحلم بأن تطور ألعاب السيرك إلى ما يشبه
اللوحات الاستعراضية، التي يتخللها شيء من الغناء، ثم تطور هذا الحلم إلى
التمرد على وضعها عندما بلغت السابعة عشرة من عمرها، وبات يتملك عقلها
هاجس فني قوي بأن تمثل أو تغني منافسة قمم تلك الأيام، وعلى رأسهم بالطبع
أسطورة ذلك العصر ليلى مراد.
وبالفعل هربت نعيمة عاكف من السيرك إلى
خشبة المسرح، واحتضنتها المطربة المشهورة سعاد مكاوي، التي كانت تعيش في
ذلك الوقت قصة حب طويلة مع المخرج عباس كامل.
صدفة البداية
وحدث ذات
مرة أن جاء المخرج حسين فوزي لزيارة شقيقه المخرج عباس كامل، وقضاء السهرة
معه، وهناك التقى الفنانة نعيمة عاكف، التي جذبت اهتمامه بخفة ظلها اللا
متناهية، ورنين صوتها العذب، وهي تتكلم أو تضحك أو تغني.
ومنذ ذلك
اليوم لم تفارق صورتها خيال المخرج حسين فوزي الذي كان قد بدأ يلتمس طريق
النجاح، والذي صنع شهرتها ومجدها الفني في ما بعد، وفي ذلك الوقت، في
أوائل عام 1948 كانت السينما المصرية في أوج ازدهارها، وكان عدد شركات
الانتاج السينمائي يربو على المائة شركة، وكانت شركة نحاس فيلم من كبرى
هذه الشركات السينمائية، ويملك ثلثي أسهمها ثلاثة أشقاء من أصل لبناني هم:
غبريال، أدمون، وشارل نحاس، أما الثلث الباقي فكان يمتلكه أنطوان خوري،
وهو لبناني الأصل أيضا.
وكان في طموح أصحاب هذه الشركة إنشاء استديو
سينمائي حديث في تجهيزاته، لأن الاستديوهات التي كانت الشركة تصور فيها
أفلامها تستهلك الجزء الأكبر من ميزانيات هذه الأفلام. لكن الشركة لم تكن
تملك المال الوفير الذي تشتري به الأرض اللازمة لإقامة الاستديو، فقد
شاركوا يوسف وهبي الذي قدم الأرض التي أقيم عليها الاستديو.
في مواجهة ليلى مراد
وبدأت
شركة نحاس فيلم تزيد من حجم إنتاجها السينمائي، بعدما أصبحت تملك استديو،
ولا تريد أن يتوقف عن العمل لحظة واحدة لتعويض المبالغ الضخمة التي
استدانتها من البنوك لتنفقها على بنائه وتجهيزه، وكان أول أفلامها «شادية
الوادي»" بطولة ليلى مراد ويوسف وهبي.
في الوقت نفسه، كان المخرج حسين
فوزي، قد كتب قصة من وحي حبه واتجاهه نحو الاحياء الشعبية، ولم يكن قد اسس
بعد شركته الإنتاجية، فراح يعرض الفكرة على أكثر من منتج سينمائي، فرفضها
البعض قبل قراءتها، ورفضها البعض الآخر من مجرد قراءة اسمها «العيش
والملح»، لكنه لم ييأس وحمل القصة إلى غبريال نحاس، الذي اعتذر بشدة في
البداية، رغم ضآلة تكاليف إنتاج الفيلم التي لم تكن تزيد على 20 ألف جنيه،
لأن أبطاله سيتم اختيارهم من بين المغمورين، ولأن البطولة للموضوع نفسه،
وظل حسين فوزي يقنعه إلى أن وافق على مضض في النهاية.
وكان حسين فوزي
قد كتب القصة على أساس أن تكون بطلتها راقصة مغمورة، بعدما أيقن أن نعيمة
عاكف هي الصاروخ السينمائي الجديد، الذي يقدم لونا لم يسبقها فيه أحد من
قبل «بنت البلد الجميلة، الذكية والمرحة»، لكن من الذي يقدمه أمامها ليسقط
من شعاع بريقه على فنانة غير معروفة، ووقع اختياره على سعد عبدالوهاب،
الذي كان يومها مذيعا وسيما يملك صوتا جميلا يتوق للغناء وينتظر فرصة لم
يقدمها له عمه الموسيقار محمد عبدالوهاب، وكانت مفاجأة للممثلة الشابة
نعيمة عاكف عندما قدم لها حسين فوزي القصة والعقد، وطلب منها الاستعداد
لدخول الاستديو خلال أيام، لتمثيل دور البطولة، ذلك أن أقصى ما كانت تطمح
إليه هو أن تؤدي رقصة في أي فيلم، كما حدث في فيلم «ست البيت» بطولة فاتن
حمامة وعماد حمدي وزينب صدقي، اخراج احمد كامل مرسي، لأنها لم تكن تظهر
إلا ضمن مجموعة من الراقصات.
نجاح غير متوقع
أصبح خبر الفيلم على
كل لسان، وكان كل من يسمع بأن حسين فوزي أسند دور البطولة في فيلمه
للراقصة الناشئة نعيمة عاكف، كان يهز رأسه بسخرية، ويقدم العزاء سلفا
لشركة نحاس فيلم على الخسائر التي ستتكبدها في فيلم «العيش والملح»، الذي
لم تقبل أن تنتجه إلا مراعاة للعيش والملح بينها وبين المخرج حسين فوزي.
وبدأ
تصوير الفيلمين في استديو نحاس، يوسف وهبي وليلى مراد يصوران «شادية
الوادي»، وينفق عليه بسخاء، والناس تتوقع اعجوبة، بينما المخرج حسين فوزي
يصور «العيش والملح» مع نعيمة عاكف وسعد عبدالوهاب والناس تسخر من الثلاثة
وتقدم العزاء لأصحاب شركة نحاس فيلم، «شادية الوادي» تكلف 107 الآف جنيه،
و«العيش والملح» 20 ألف جنيه، ودعاية شرسة لفيلم ليلى مراد، ولا دعاية على
الإطلاق لفيلم نعيمة عاكف، وحضور راق من المشاهير والسياسيين مع يوسف وهبي
وليلى مراد، وحضور بسيط من بعض موظفي شركة نحاس فيلم في العرض الأول لفيلم
«العيش والملح».
ومر اليوم الأول لعرض الفيلمين دون حدوث ما ينبئ عن مفاجآت، ثم بدأت الأعجوبة التي لم يكن ينتظرها أحد.

غـــــدا:
رحلة النجومية.. والنهاية الحزينة

نعيمة عاكف.. بلدي وخفة! Pictures%5C2009%5C08%5C21%5C5d2a6e57-e2ae-4d83-b0fb-f060701e581e_maincategory

من فيلم {لهاليبو}

نعيمة عاكف.. بلدي وخفة! Pictures%5C2009%5C08%5C21%5C440a29ab-7f2b-4004-85ba-9e8b006e068a_maincategory

مع أنور وجدي في فيلم {أربع بنات وضابط}

نعيمة عاكف.. بلدي وخفة! Pictures%5C2009%5C08%5C21%5Cc0e5caf0-25b7-450f-bcb0-84843430028d_maincategory

.. ومع رشدي أباظة في {تمر حنة}

مشكور

على هذا الموضوع

الجميل

جدا جدا جدا